نعي أليم

“وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون” صدق الله العظيم،

فُجِعَت البلاد البارحة، 4 يوليو، بفقد الشاعر الكبير محمد طه القدال، الهرم الإبداعي العظيم، والمدرسة الشعرية المتفردة والأصيلة، والرمز الكبير للاستنارة في بلادنا. انتمى القدال لهذا الشعب وأحبه والتصق به وهام بعشقه وأصبح ضميره الحي، ولسانه المبين. وظف القدال نَفَسَه الطالع والهابط من أجل الشعب ومن أجل مسحوقيه، وصاغ روحه شعرا عذبا وخالدا شكل وجدان أجيال متعاقبة.  

حلم القدال للسودان الأحلام الكبيرة. غني للسلام والحب وانحاز لقيم الخير والجمال، وترنم بالحرية والكرامة، وأشهر سلاح الكلمة في وجه أعتى الديكتاتوريات التي جثمت على صدر بلادنا. لم يهادن ولم يداهن ولم يلحن في قول أو يعوج لسانه تقية. فكان قدوة وملهما ومثالا. 

كم نحن محزونون كون القدال سوف لن يكون بيننا بجسده بعد اليوم، ولوسوف لن يعطر أمسياتنا بأشعاره كما كان يفعل في الماضي، وسوف لن نعانقه ونبادله الفقشات. أما هو في أمان الله، وسوف يبقى بيننا حيا وباقيا وخالدا. هو حي بأشعاره التي صاغت وجداننا، و بغرسه الذي أثمر ثمرا حلو المذاق مختلف ألألوان. ولعل أهم ثماره هي ثورة ديسمبر المجيدة التي تغنى فتيانها وكنداكاتها بأشعاره و صاغوها شعارات عطروا بها شوارع البلاد. سيبقى القدال خالدا ما بقي شعب السودان وشبابه النير الحي المقدام. 

وفيك نتمثل قول نبينا الكريم “وإن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا يا قدال لفراقك لمحزونون”. فارقد بسلام يا حبيبنا مع صحبك الميامين ممن سبقوك إلى دار البقاء، تصحبك السلامة. وزادك في الطريق محبة الفقراء ودعوات شعبك الذي أحبك وأسكنك الضلوع. أسعدك الله السعادة الأبدية  بقدر ما أسعدت شعبك، وقربك إليه بقدر قربك من شعبك، وأعطاك من أفضاله حتى ترضى. 

مركز الخاتم عدلان

5 يوليو 2021